كن صديقا للقلوب

تخيلوا معي إحدى الأشجار لها أغصانها وأوراقها

إحدى تلك الوريقات قد سئمت وملت من تواجدها مع باقي الوريقات

تظن بأنها أكبر من الآخرين وأن مايحدث للآخرين كيف يحدث لها

فكيف بالرياح تعصف فتهتز كما يهتز الآخرين

وكيف إذا هطلت الأمطار تبللت مع الآخرين

تفكر هذه الوريقة بأنها لايجب أن تتعرض لما يتعرض لها الآخرين

تقرر الإنفصال ثم الرحيل ترمي بنفسها بعيداً عن الشجرة

تعالوا نراقبها

هاهي الرياح تعود من جديد فبدل أن تهزها

باتت تجرفها وتسحبها بعيداً إلى وادٍ سحيق

هاهي هذه الأمطار عادت تهطل فإذا بها بدل أن تبللها نراها تغرقها بماءها

نتأمل هذه الوريقة نجدها قد بدأت تعاني الذبول والإصفرار ثم نجدها يابسة

ثم تصبح أثراً بعد عين

لا أحد يدري بها فما بات أحداً يسأل عنها ولا يهتم بها

لنعود ونلقي نظرة إلى الشجرة نراها قد إكتست حلة الربيع

كذلك بعض البشر يظن بأن إبتعاده عن الآخرين هو غنيمة وسعادة وهدوء

يحرمون أنفسهم متعة المواجهة ومتعة المعرفة

ومشاركة التفكير والأحاسيس مع الآخرين

يتناسون بأن الحياة يجب أن نخوضها ضمن بشر مثلنا

نقرأ أفكارهم وحتى حين يتعرضون لنا يجب أن نتقن الدرس أكثر وأكثر

غربتنا هذه تميت العقل قبل القلب

إننا أحياناً بسبب الأنانية والخوف من التضحية

بتنا نخاف أي حديث عن الحياة الإجتماعية

لأننا نظن أننا بذلك نعرض أنفسنا لإرهاق العطاء المجاني

والتنازل عن بعض المكاسب المجانية

نحن نأخذ من مجتمعاتنا أكثر مما نعطيها

فالمجتمع يستطيع أن يستمر إذا فقد بعض أعضائه

ولكننا لانستطيع أن نهنأ ونحمي أنفسنا من غير مجتمعاتنا

إننا حين نواجه الصعوبات والعقوبات مجتمعين

نشعر بثقة أكبر وتخف علينا وطأة المواجهة

وإن دروب الحياة حتى السهلة منها تكون وعرة موحشة

وإذا عبرها الواحد منا بمفرده

المرء لايشقى ولا يحس بالتعاسة والقلق إذا وجد قلباً يخفق مع قلبه

فكيف إذا وجد عشرات القلوب

لذلك

إبحث عن القلوب